السعودية لا تريد السلام مع إسرائيل الان..وعلى تل أبيب استيعاب تلميحات الرياض

من يتابع الأخبار في هذه الأيام العاصفة، قد يظن أنه لم يتغير شيء فيما يتعلق بآفاق السلام بين إسرائيل والسعودية. تصريحات متفائلة تأتي من إسرائيل حول احتمالات جيدة لتوطيد العلاقات مع الرياض، كما تساهم الإدارة الأمريكية بدورها بإصدار بيانات متفائلة بهذا الشأن. نُشر هذا الأسبوع استطلاع للرأي العام بين المواطنين السعوديين في واشنطن شمل حوالي ألف شخص يشكلون عينة تمثيلية للسكان، وقد وجهت لهم أسئلة في شهري مارس، وأبريل عن رأيهم في مجموعة متنوعة من القضايا السياسية.
بادر الى اجراء الاستطلاع معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وهو معهد أبحاث مرموق متخصص في دراسة قضايا الشرق الأوسط، ولديه معرفة عميقة وطويلة الأمد بالعلاقات بين إسرائيل وجاراتها. تبين أن 38٪ من السعوديين مستعدون لإقامة علاقات مع الشركات الإسرائيلية إذا كان ذلك يؤدي الى تعزيز اقتصاد المملكة، 76٪ ينظرون بسلبية الى قيام الفصائل الفلسطينية في غزة باطلاق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية، 67٪ ينظرون بامتعاض إلى تقارب حكومتهم مع إيران.
فعلا انها نتائج مثيرة للإعجاب، لكن عند قراءة ما بين السطور سيتبين لنا أن الأمر لا يتعلق بحب إسرائيل، بل يتعلق بالمنطق الجماعي بشكل أساسي.
بالنسبة للقصر السعودي، فإن حماس منظمة إرهابية تستطيع زعزعة السلام في المنطقة والإضرار باستقرار الدول العربية. إنهم خائفون جدا من إيران، بعد سنوات من العداء المتبادل، ومن هنا تأتي التحفظات التي أعربوا عنها. سئل المستطلعون عما يجب على الحكومات العربية فعله إذا تضررت بلدانهم من جراء الزلزال، أو كارثة طبيعية، وعرضت عليهم إسرائيل المساعدة، أجاب 81٪ أنه يجب عليهم رفض اليد الممدودة.
سيكون من المفاجئ أن يوافق القصر السعودي قريبًا على علاقات دافئة مع إسرائيل – ليس فقط بسبب هذه النتائج، التي تكشف عن تحفظات السعودية على إسرائيل، لكن في الأساس بسبب الأمريكيين. لقد استمروا لسنوات يطالبون واشنطن بضوء أخضر لبرنامج نووي للأغراض السلمية، والذي ستقدمه لهم باعتبارهم صديقا للولايات المتحدة الى جانب طبعا المعرفة اللازمة لذلك.
باعتبارهم أصدقاء للولايات المتحدة يتوقع السعوديون الحصول من الامريكيين في الموضوع النووي على الاقل على ما حصل عليه الايرانيون، لكن الولايات المتحدة ومنذ سنوات طويلة تتهرب من ذلك، ولم يكن امام السعوديين من خيار سوى الوقوع في براثن ايران والصين.
لا تزال عملية المصالحة بين السعودية وإيران في مهدها. هناك شكوك كبيرة بينهما، ورغم الجهود وحسن النية يخشون في الرياض من خيبة أمل. ولذلك فإن السلام مع إسرائيل في هذه المرحلة سوف يفسر على أنه أصبع سعودي في عين إيرانأ وحتى لو تم تحريرهم من قيود مصالحتهم مع إيران، فإن قضية شخصية من الوزن الثقيل موجودة على الطاولة.
لن يسارع الرجل صاحب القرار في الرياض ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمنح الرئيس بايدن هذه الهدية الرائعة بالتأكيد دون الحصول على الحزمة النووية. كانت علاقتهما شديدة الفتور منذ بداية ولاية بايدن قبل عامين ونصف. في الأساس، بالنسبة للسعوديين، إسرائيل هي وسيلة اللعب.
اذا حصلوا على ما يريدون من الامريكيين سيلاطفون إسرائيل. واذا لم يحصلوا سوف يتجاهلونها.

جاكي خوجي

معلق الشؤون العربية في إذاعة الجيش الإسرائيلي وكاتب عمود في معاريف